لمحات سورية (5)

لمحات سورية

وقت القراءة.: 2 دقائق

على مدى آلاف السنين وقبل أن تحيلها الحرب دماراً، لطالما كانت مدينة حلب موطن الصناعات السورية.

إحدى أهم هذه الصناعات اليدوية التقليدية هي صناعة "صابون الغار" التي تُعدّ رمزاً تراثياً ارتبط اسمه عالمياً باسم مدينة حلب وأصبح يُطلق عليه اسم "صابون حلبي".

زيت الغار وزيت الزيتون هما المكونان الأساسيان في صناعة هذا الصابون ولا يتمّ إضافة أيّ أصبغة أو عطور اصطناعية وفقاً للمعايير الأصلية لصناعته.

وبسبب مكوناته الطبيعية هذه وخلوّه من أي مكونات كيميائية، يستخدم الصابون لأغراض علاجية للكثير من الأمراض الجلدية كالإكزيما والصدفية. كما يُغذي البشرة ويُعقمها ويكسبها نضارة خاصة. إضافة إلى استخداماته لتقوية جذور الشعر وتخفيف تساقطه.

والأهمّ أنه يساعد على تخليص الجسم من البكتيريا المسببة للروائح ويمنحه عطراً طبيعياً.

يكاد لا يخلو حمامً حلبي من الحمامات العامة التي تعرف باسم "حمام السوق" والحمامات المنزلية من صابون الغار. كما اعتاد الحلبيون على وضعه في خزائن الملابس والدروج وخاصة خلال مواسم تبدّل الفصول بين الشتاء والصيف، حيث يقومون بتظيف الخزائن وترتيب الملابس الأكثر استخداماً تبعاً لحرارة الطقس وتخزين الملابس الأقل استخداماً ووضع صابون الغار بينها ليعطيها رائحة ذكية ويحفظها خاصة أن رائحة الصابون الحلبي وفعاليته تدوم لسنوات.

وبسبب استخدام صابون الغار كهدية تراثية وتذكار من حلب لكل من زار هذه المدينة، ابتكر صانعي هذا الصابون فكرة وضعه في صناديق خاصة مزخرفة بطريقة جميلة تليق بحفظ هذا الكنز الحلبي العريق الذي لطالما كانت رائحته تفوح من أسواق حلب التراثية الخاصة ببيع العطور والتي تعرف باسم "سوق العطارين".

كما ساهم التجار الحلبيون في تصديره وإيصال شهرته إلى العديد من الأسواق العالمية ومنها ألمانيا.

قد تكون الحرب تمكنت من تدمير العديد من مصانع صابون الغار، خاصة أن الجزء الأكبر من الدمار طال مدينة حلب القديمة بأسواقها ومصانعها، إلا أنّها لن تستطيع تدميرها من عقول الحلبيين أينما رحلوا ومنعهم من تناقل هذا الإرث جيلاً بعد جيل.

شارك في هذا العمل

جيمي سمانعضو سابق

مونتاج الفيديو

سارة شماععضو سابق

كتابة وترجمة للغة العربية

محمد يزن اسماعيلعضو سابق

كتابة وترجمة للغة الألمانية \ الإنجليزية

أبي حديدعضو

تدقيق اللغة العربية