دائرة رعاية الأطفال والقاصرين Jugendamt

الحياة العامة

وقت القراءة.: 9 دقائق

انتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من المقالات والاستفسارات والفيديوهات حول دائرة رعاية الأطفال والقاصرين بشكل جعل الكثيرين ينظرون إليها على أنها الهيئة التي تريد ان تخطف منا أطفالنا. 

سأحاول هنا توضيح مهام وأهداف دائرة رعاية الأطفال والقاصرين. سأقتصر في الحديث على ألمانيا، لأني على اطلاع على طبيعة عملها وماهيتها وخفاياها وكيف يفكر العاملون فيها. أنوّه هنا إلى أن المعلومات التي سأطرحها هي عبارة عن معلومات من واقع العمل اليومي.

الهدف الرئيسي لهذه المنظمة هو

الحفاظ على وحدة العائلة وحماية الأسرة وتوفير الظروف المناسبة لها لحياة كريمة وسليمة.
أحد أهم بنودها: الحفاظ على سلامة الأطفال وحمايتهم بما يتناسب مع حقوق الطفل التي ينص عليها الدستور الألماني.

لمنظمة رعاية الشباب فروع كثيرة ومهمات عديدة منها:

  • تقديم المشورة للأسرة.
  • مساعدة الأبوين في التربية.
  • التدخّل من أجل حل مشاكل الوالدين ومساعدة العائلة في مرحلة انتقالية مثل حالات الطلاق.
  • التدخل الإسعافي والسريع في حالات الجرائم العائلية أو الخصامات أو حتى الحوادث.
  • تقديم مساعدة تعليمية للأطفال وللشباب.
  • رعاية القاصرين اللاجئين إلى ألمانيا من دول أخرى، حيث   تراقب المنظمة صحتهم ووضعهم النفسي والمعيشي في دور الإيواء.
  • مساعدة المراهقين في اختيار المهنة والتخصص.
  • مساعدة العائلات التي ترغب في حماية أو تبني طفل للحصول على طفل مناسب لظروفهم.
  • مساعدة الأطفال الذين فقدوا والديهم في الحصول على أسرة ترعاهم وتوفر لهم جواً أسرياً سليماً.
  • قسم الروضات والمدارس والمساعدة في التعليم.

سنتستفيض هنا في الحديث عن مساعدة الوالدين في التربية، حيث  لاحظت تخوفاً  كبيراً لدى الأهالي من منظمة رعاية الشباب ورغم محاولة التوعية وتوضيح دورها، إلا أن ما شاع عن هذه المنظمة في مواقع التواصل الاجتماعي من معلومات مغلوطة جعل منها أمراً مرعباً. وخلقت هذه المعلومات حالة خوف شديد لدى المهاجرين الجدد.


أتمنى أن استطيع من خلال هذه الأسطر أن أوضح حقيقة الأمر حتى يستطيع الجميع الاستفادة مما تقدمه هذه المنظمة من خدمات، لأن المهاجرين الجدد يحتاجون لمساعدة هذه المنظمة في كثير من المواقف للاستعانة بها من أجل شؤون أطفالهم وهي مستعدة لتقديم المشورة مع مترجمين محترفين خاصين بعملها.  إنه لمن المحزن ألا يستفيد منها من يحتاجها فقط بسبب مخاوف لا مبرر لها.


هناك حالات كثيرة يحتاج الأبوان فيها إلى مشورة مختصين ومساعدتهم في تربية الأبناء بطريقة سليمة سوية. وغالباً ما تنتج مشاكل التربية عن ظرف خاص أو خطأ تربوي منذ الطفولة المبكرة وتتفاقم حتى يصل الوالدان إلى طريق مسدود جربا معه وحاولا بشتى الوسائل، ولكن للأسف بقيا عاجزين عن حل هذه المشكلة. هنا يحق للوالدين استشارة المنظمة وطلب العون منهم، حيث يتم الاتفاق برضا الوالدين على حل يساعدهم.


الحالة الأخرى و هي أكثر شيوعاً تعرض الطفل في رياض الأطفال أو المدرسة لعدد من المواقف التي تثبت للمربين بأنه يعاني مشكلة تربوية ويحتاج لمساعدة وتدخل مختصين من منظمة رعاية الطفولة والشباب، فيتم تبليغ المنظمة بتقرير مفصّل مع ذكر كل المواقف بتفاصليها ويحقّ للمنظمة متابعة الموضوع والتواصل مع الوالدين لتقديم المشورة.

هنالك حالات لاتكون المساعدة فيها اختيارية وإنما إجبارية وفقاً للقوانين الألمانية، حيث تنص على حماية الأطفال جميعاً في الهيئات التعليمية. أغلب هذه الحالات تكون على سبيل المثال طفلاً أو مراهقاً لديه عدوانية مفرطة بحيث يشعر المربون بأنه خطر على أصدقائه ونفسه. وهنا يتم التدخّل بشكل إسعافي ومباشر.

الحالات الإسعافية الأخرى التي يكون تدخل المنظمة فيها أكثر حزماً وسرعة هي حالات تعنيف الأطفال و حالات ترك الأطفال في أماكن عامة أو أماكن غير مناسبة في أعمار لايجوز أصلاً تركهم دون الوالدين.


ماهي الاجراءات التي يتخذها موظفو المنظمة في حالات الإسعاف والطوارئ وفي الحالات العادية؟

في حالات الطوارئ

يتم التحرّك بشكل سريع وفوري بمرافقة الشرطة ومختص تربوي ونفسي في حالات الجرائم والضرب المبرح أو الحوادث وماشابه  فيُرافق الأطفال المختص إلى مشفى  الأطفال  للقيام بفحوص طبية للتأكد وتوثيق حالات التعنيف والأذى وفحوصات نفسية مع مختصين نفسيين مختصين بعلاج الأطفال والمراهقين، حيث يتم تشخيص الحالة من كل النواحي خلال الأيام الثلاثة الأولى يمنع الأهل من رؤية الأطفال ومعرفة عنوانهم حتى لا يتم التأثير عليهم أو تهديدهم أو التشاجر معهم تحديداً في حالات المراهقين.
بعد الانتهاء من التشخيص المشترك يتم إقامة جلسة علنية مشتركة بين المختصين وموظف المنظمة المسؤول عن الحالة ويتم فيها تبادل المعلومات وإصدار قرار. فإما يعتبر الطفل سليماً ولا يعاني من أي تعنيف وفي هذه الحالة يُعاد إلى منزل أهله وتُتابَع حالته حسب ما يتطلب الأمر أو من خلال التواصل مع المربين أو من خلال إشراف مختصة تربوية تساعد الأهل في تخطي هذه الأزمة، أو يعتبر الطفل  فعلاً مهدداً وقد تعرّض لتعنيف وصرّح به وعبر عن رغبته بالانفصال عن الأهل بسبب خوفه منهم وهنا يُحوّل إلى أحد دور رعاية الأطفال أو الشباب وفقاً لما يناسب عمره ووضعه.
هنا لاحظت فروقاً واضحة بين حالات الأطفال والمراهقين، فالتعامل مع المراهقين وتشخيص حالتهم يتم بحذر وتأنّ أكثر بسبب تدخل وعيهم حيناً وخيالهم حيناً أخر في إخفاء جزء من الحقيقة وهنا يراعي المختصون حالات الخيال والكذب ويتم تطبيق اختبارات أكثر دقة لكشفها فلاداعٍ  لخوف الأهل من حالات المراهقين،  فإن لم يعنفوا فعلاً أو لم يُحرَموا من حقوقهم الأساسية في الحياة تتم إعادتهم إلى منزل ذويهم.

في الحالات العادية

وهي الحالات التي يأتي بلاغ للمنظمة من قبل شخص ما في محيط الطفل أو بسبب رغبة المربين وتقريرهم أو حتى  الأهل قد يلجؤون إلى المنظمة ويطلبون منهم العون. هنا تتم الاجراءات بهدوء وبطء ويُدعَى الأهل مع الطفل وكذلك  مختص ومترجمون إن لزم الأمر ويتم التشاور بخطة عمل منظمة يوضّح فيها أهداف هذه المساعدة القريبة والبعيدة المدى وهنا يتم اللقاء كل ستة أشهر بعد فرز مساعدة أو مساعد من قبل المنظمة يزور العائلة عدداً معيناً من الساعات. و قد يصطحب المساعد الأطفال والمراهقين إلى نشاطات تناسب أعمارهم وتساعدهم في تنمية مواهبهم واكتشافها و أيضاً مساعدتهم في التعلّم. يتكرّر اللقاء هذا كل ستة أشهر مع تقديم تقرير مفصّل عن تطوّر الحالة.

متى يتم سحب الأطفال من الأهل؟

هذه الفقرة بالضبط تم الحديث عنها بشكل غير صحيح و تم نشر شائعات كثيرة غير مبنية على أي مصادر، يتم سحب الأطفال من الأهل في حالة واحدة فقط و هي تهديد حياة الأطفال في منزل أهلهم سواءً بالضرب أو بالحرمان العاطفي والمادي أو عدم كفاءة الأهل في تربية الأبناء في حال إصابتهم بأمراض نفسية  أو الإدمان و ماشابه.

كلي أمل ألا يتردّد الأهل في طلب العون والمساعده من المنظمة لا سيما في الحالات الحساسة والمهمة. شاهدت أمثلة عليها ولاحظت كم هو مهم دور المنظمة في مساندة الأهل وكم يؤلم الأهل نفسهم بعدم الاستعانة بها مثل:

  • حالة وجود طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة في الأسرة.
  • طفل أو مراهق متضرر نفسياً من الحرب وطريق اللجوء الشاق.
  • طفل يعاني من صعوبات التعلّم والاندماج في المجتمع الجديد.
  • أطفال تحت السن القانوني هاجروا مع أقاربهم ويجدون صعوبة في تقبل الوضع الجديد وبعدهم عن أهلهم.
  • الأمهات القاصرات اللواتي يعانين من تربية مواليدهن في مجتمع جديد غريب.

الأمثلة كثيرة يصعب حصرها ولكن الهدف والرسالة متشابهة ألا وهي: من يجد نفسه بحاجة إلى مساعدة المنظمة ألا يتردد ويقيد نفسه بشائعات كثيرة مفادها أن المنظمة مجرّد أن تدخل منزلاً تأخذ الأطفال منه. ناقشت في إحدى المرات في ورشة عمل مع بعض موظفات المنظمة في فرع فرانكفورت مخاوف المهاجرين العرب عموماً والسوريين  خصوصاً من المنظمة. أتاني رد من مسؤولتهم بالحرف الواحد:


معظمنا آباء ونعلم تماماً من خلال تجربتنا أن أفضل مكان  لعيش الأطفال هو منزل الوالدين، لذلك قيدنا قانون سحب الطفل من الأسرة وجعلناه يمر بمراحل كثيرة معقدة،  حيث يتم بعد  ثلاث محاكم نوجه بها ثلاثة تنبيهات من قبل القاضي على أمل أن نردع الوالدين من التصرفات العنيفة و الخاطئة مع الأطفال.


تكون مهمة القاضي نطق الجملة الآتية: نحن هنا لنخبركم بأن هذا هو التنبيه الأول وعليكم تحسين سلوككم مع الطفل وإلا سنضطر آسفين الى أخذه ومنحه فرصة حياة سليمة ومريحة له كطفل يستحق الحياة.
ومرة أخرى في محكمة أخرى يكرّر القاضي نفس الكلام  ومرة ثالثة أيضاً، ولكن إن لم يرتدع الأهل لا يبقى لنا حلاً سوى الحفاظ على سلامة وحياة الأطفال.


نتمنى لجميع الأطفال الحياة بسلام وأمان وراحة ورضا. وواجبنا كأهل تحقيق هذه الظروف لهم بغض النظر عن أي قوانين  أومنظمات خارجية فهذه فطرتنا وواجبنا.
دمتم وأبناؤكم بخير


شارك في هذا العمل

مرام البيكعضو

تدقيق اللغة العربية

محمد صوافطهعضو

كتابة وترجمة للغة الألمانية \ الإنجليزية

سمر الصاريصديق \ صديقة المنظمة

كتابة وترجمة للغة العربية