تتعدّد الأنظمة التعليميّة في ألمانيا، منها التعليم الاعتيادي Direktstudium والتعليم ذو الدوام الجزئي Teilzeitstudium و كذلك التعليم المسائي Abendstudium ونظام التعليم المزدوج Duales Studium هذا بالإضافة إلى نظام التعليم عن بعد Fernstudium وهو محور حديثنا في هذا المقال.

من أهم مميّزات نظام التعليم عن بعد Fernstudium المرونة في الوقت والمكان. وهو موجّه خصوصاً إلى المعنيين بالدراسة الأكاديمية إلى جانب حياتهم المهنية.  يبيّن المقال الآتي على نحو عام المعلومات المتعلّقة بنظام التعليم عن بعد، وأهم الجامعات التي تعتمده.

تُمكّنك الدراسة عن بعد Fernstudium من الدراسة في إحدى الجامعات حتى لو كانت الجامعة بعيدة جغرافياً عن مدينتك أو مكان سكنك، حيث تستطيع الدراسة في هذه الجامعة من منزلك. يتم عادةً إرسال كل المستندات والوثائق المتعلّقة بالدراسة أو المقرر دراستها إلى الطالب عبر البريد وقد تكون متاحةً على موقع الجامعة الإلكتروني. أما مواعيد الامتحانات فيستطيع الطالب تحديدها بنفسه بعد حضوره جميع الكورسات المتعلقة بكلّ مادة.

قد يختلف محتوى المناهج التعليمية في الجامعات التي تدرّس عن بعد من جامعة إلى أخرى، لكنها تعتمد جميعاً وعلى نحو أساسي على الإنترنت وعلى الكتب التي ترسلها الجامعة إلى طلابها عبر البريد. أضف إلى ذلك وسائل أخرى تستخدمها الجامعات بهدف مشاركة المحتوى التعليمي مع طلابها، فعلى سبيل المثال: ترسل جامعة FernUni Hagen  جزءاً كبيراً من موادها التعليمية إلى طلابها عن طريق البريد. يختار الطالب ببساطة في بداية كلّ فصل دراسيّ المواد التي يرغب في دراستها خلال هذا الفصل، ويمكن حضور محاضرات خاصة بكلّ مادة في الجامعة بشكل طوعي إن رغب بذلك. ويتوجّب على الطالب في نهاية الفصل تقديم الامتحان في مركز الجامعة.

في حين يتعلّم الطلاب في جامعة SRH Fern Hochschule in Riedlingen ما بين 60-70% من المنهاج من كتب المواد الدراسية، و 20-30% من المحاضرات في الجامعة و 10% من المحتوى الموجود على موقع الجامعة الإلكتروني.

عندما ترغب بدراسة مرحلة البكالوريوس أو الماجستير في إحدى جامعات التعليم عن بعد، عليك الانتباه والتأكد من كون الاختصاص الذي ترغب في دراسته معتمداً ومعترفاً به حكومياً. من علامات الجودة التي تثبت أن اختصاصاً ما معتمدٌ ومعترفٌ به، حصوله على موافقة الإدارة المركزية لاعتماد التعليم عن بعد ZFU أو الموافقة والاعتماد من مكتب العلوم Wissenschaftsrat.

يجب التنبّه جيداً إلى أن مصطلح "التعليم عن بعد"  "Fernstudium" غير محميّ، مما يعني وجود العديد من عروض الدراسة غير الأكاديمية على الشبكة العنكبوتية التي تحتوي على مناهج دراسية لا يمكننا وصفها بالنموذجية. حتى إن بعض هذه العروض مشهورة ومعروفة في الوسط التعليمي لدى بعض الجهات كـ IST-Studieninstitut, BTB Institut وDeutsche Hotelakademie تعدّ هذه المناهج  بديلاً جيداً عن الدراسة الجامعية، غير أن شهادة التخرّج الصادرة عنها لا تقارن بشهادات التخرّج الأكاديمية.

لا توجد شروط صارمة للالتحاق بجامعات وكليّات التعليم عند بعد كما هو الحال في جامعات التعليم الاعتيادي، فمن الممكن في بعض الجامعات الالتحاق بها حتى لو لم يكن الطالب متحصّلاً على شهادة ثانوية عامة أو حتى إن لم يكن لديه خبرة مهنية.

لكن!! لا بدّ من شروط جوهرية يجب توافرها  في كل من يودّ الالتحاق بمثل هذه الجامعات، ألا وهي الطموح والتحلّي بالإرادة القوية إلى جانب الصبر والقدرة على تحمّل الضغوطات. قد يكون الطالب متحمّساً في بداية دراسته الجامعية، لكن لا بد من استمرارية هذا الحماس من أجل الوصول إلى الهدف المنشود. فمن يميل إلى قضاء أوقات الفراغ أو عطلة نهاية الأسبوع مع الأصدقاء، أو في متابعة وممارسة الرياضة أو حتى في الذهاب إلى السينما، فمن المرجّح أنه لن يفلح في  في هذا النوع من التعليم. إضافة إلى ذلك  يتوجب على الطالب أن يجهّز لنفسه زاويةً أو غرفةً مخصّصةً للدراسة، لأنه خلال فترة الدراسة الجامعية سيمضي الكثير من الوقت أمام الحاسوب قرب مكتبه.

يُنظَر إلى رسوم جامعة FernUni Hagen على أنّها من  أرخص الجامعات المتاحة، حيث تُقدّر تكاليف مرحلة البكالوريس فيها بين 1.500 و 2.500 يورو. أما الجامعات الخاصة فمن المؤكد أنها  ذات  رسوم أعلى وتُقدّر بين 8.000 و 20.000 يورو.

من أهم إيجابيات هذا النظام التعليمي مقارنةً بالتعليم الاعتيادي توفّر المرونة مكاناً وزماناً،  حيث يملك الطالب الحريّة التامة في اختيار الوقت والمكان والطريقة التي يريد الدراسة فيها. كل ما يحتاجه الطالب من أجل البدء بدراسته الاتصال بالإنترنت وقد لا يتطلّب الأمر في بعض الأحيان اتصالاً بالإنترنت، لأنه سيحصل على المواد والكتب المقرّرة عبر البريد.

تتمتّع الدراسة عن بعد بميزة خاصة، ألا وهي مرونة توقيت الامتحانات، فمثلاً في جامعة IUBH يختار الطالب بنفسه التوقيت الذي يناسبه لتقديم الامتحان. هذه الميزة لا يمكن الاستهانة بها خصوصاً في حال كان الراغب  في الدراسة ربّ أسرة أو من مزاولي المهن.

وفي المقابل هناك عدد من السلبيات لهذا النظام التعليميّ، من أبرزها تكاليف الرسوم الجامعية التي تكون غالباً أعلى من تكاليف الدراسة النظامية، إضافة إلى ذلك لايتيح هذا النظام التعليمي الفرصة من أجل التواصل مع زملاء الدراسة، و قد تكون كذلك من  مساوئ التعليم عن بعد عدم القدرة على الاستفسار من البروفسور عندما يواجه  الدارس صعوبة في فهم تمرينٍ معيّن أو جزئية محدّدة، وإنما يتوجّب عليه أن يقرأ بنفسه و يستوعب الشرح المرفق.