الاستدامة! ما هي؟! وكيف نستطيع أن نطبقها في حياتنا؟!

منوعات

وقت القراءة.: 6 دقائق

من أهم المواضيع التي تشغل المجتمعات في العصر الحالي البحث عن أسلوب معيشي مناسب للجميع تتوفّر فيه كل متطلبات السعادة والرخاء والأمان، ولكن ليس فقط للأفراد في الوقت الحاضر، بل أيضاً ضمان ذلك للأجيال القادمة في المستقبل. يتجلى أهم هذه الأساليب في تطبيق مفهوم الاستدامة. تكمن أهمية هذا الأسلوب في قابلية تطبيقه، ليس فقط على أسلوب العيش في الحياة اليومية، إنما أيضاً في مجالات أخرى كثيرة. 

سنتعرف في هذا المقال على مفهوم الاستدامة عن قرب، والجوانب التي يمكن أن يؤثر من خلالها على الإنسان، بالإضافة إلى الطرق التي تساعد وتسهل تطبيق الاستدامة في الحياة اليومية، فليس الجميع على وعي كافِ بهذا المفهوم، وبمدى فوائده على كل جوانب الحياة. معرفة المدى البعيد التي قد تفيد فيها الاستدامة، في مختلف مجالات حياتنا، ستغير بالتأكيد وجهة نظرك، وتجعلك تعيد النظر مرة أخرى بأسلوب حياتك.

تعريف الاستدامة Nachhaltigkeit

قد يبدو معنى الاستدامة مفهوماً من الكلمة نفسها. مستدام  يعني بشكل دائم، أو البقاء لفترة طويلة، أو المحافظة على شيء لإبقاءه لفترة طويلة. ظهر المفهوم  لأول مرة في مجال التشجير والغابات، في أوائل القرن الثامن عشر. توسّع مفهوم الاستدامة في بداية القرن العشرين ليشمل مجالات الطاقة والنقل وحتى في مختلف مناحي الحياة اليومية. إنها عبارة عن أسلوب واعٍ  ومسؤول، بالتعامل مع الموارد التي حولنا، بحيث تكون متوفّرة للأجيال القادمة، كتوفرها لنا في الزمن الحاضر. يرتكز هذا المفهوم بشكل أساسي على ثلاثة مقومات أساسية وهي: الاقتصاد، والبيئة (الطبيعة)، والحياة الاجتماعية. تتحقّق ما يسمى بالتنمية المستدامة أو تأمين الحياة المستقرة للبشر في الحاضر، من دون المساس بأحقية الأجيال القادمة للموارد، وبنفس جودة الحياة، من خلال هذه المقومات، أي عن طريق النمو الاقتصادي، والتنمية الاجتماعية، والحفاظ على البيئة، والموارد الطبيعية.

كيف نستطيع أن نعيش حياةً مستدامةً وما أهميّة ذلك

بالإضافة لما ذكرناه من أهمية الاستدامة، يوجد العديد من الأسباب التي تدفعنا لنكون أكثر استدامة  في حياتنا، من أهمها:

  1. يساهم مفهوم الاستدامة في الاستهلاك بتخفيض ما يسمّى بالÖkobilanz  (تقييم التلوث البيئي الناتج عن الشركات أو المنتجات أو عمليات الإنتاج) في البيئة. فكلّما كنا أكثر وعياً في استهلاكنا، استطعنا أن نكون مساهمين في تقليل التلوّث البيئي. ويكون ذلك عن طريق شراء فقط ما نحتاجه، وليس ما يزيد عن حاجتنا، لكي لا نضطر في نهاية الأمر لرمي ما لا نحتاجه أو ما هو زائد عن حاجتنا، وبالتالي نقلّل من العبء عن البيئة.
  2. شراء المواد أو المنتجات الطبيعية، العضويّة أو ما يسمى بال (Bio)، والتي تكون عادةً أفضل من المواد المصنّعة والمحفوظة في السوبرماركت، ليس فقط لصحتنا وإنما للبيئة، وذلك بسبب ضرر مكونات المواد الكيميائية للمنتجات غير الطبيعية. من الأفضل أيضًا شراء المنتجات الموسمية، ومن الباعة المحليين وليس من السوبرماركت. تحتاج المنتجات في السوبرماركت لفترة نقل أطول من البلد المصدر، مما يسبب تلوّثًا غير ضروري للبيئة، كما أن عملية الشراء من الباعة المحليين ستدعم الاقتصاد المحلي بشكل أو بآخر.
  3. تدعم الاستدامة التوازن البيئي، وذلك من خلال وعي الفرد باستخدام بلاستيك أقل، و إيجاد بدائل صحية وصديقة للبيئة، كإعادة التدوير وعادات أخرى يومية، مثل أخذ كيس أو حقيبة السوبرماركت الخاصة للتسوق معك، بدلًا من الاضطرار لشراء أكياس بلاستيكية هي بعض الحلول الداعمة في هذا المجال. تحدثنا في مقالة الميكروبلاستيك عن أضرار البلاستيك بشكل موسّع للاطلاع على المقالة من الرابط الآتي: https://www.makeitgerman.com/home/420202946 
  4.  التقليل من استهلاك اللحوم أو المنتجات التي يدخل فيها مصادر حيوانية، كالحليب والبيض. تبدو هذه الخطوة بالفعل صعبة وقد تكون للبعض غير قابلة للنقاش، ولكن التقليل منها والوعي في الاستهلاك يحمينا ويحمي بيئتنا على المدى الطويل. المنتجات الحيوانية تقلل بشكل كبير من الموارد والمياه، حيث إن إنتاج وتصنيع قطعة لحم واحدة (ستيك) يلزمها ما يقارب ٤٠٠٠ لتر من الماء. التحول ل(VEGAN) فيغان أو ما يسمى ب (نباتي)، أي (يستهلك من منتجات النباتات فقط)، هي تحوّل صعب، ولكن ما يمكن أن تسبّبه للبيئة، من شح في الموارد، وكذلك قتل الحيوانات أحيانًا بطرق غير رحيمة و عدم مراعاة البيئة المناسبة للرعي وتربية هذه الحيوانات، بالإضافة إلى ما يمكن أن تجلبه لنفسك من فوائد صحية، بابتعادك بعض الشيء عن المنتجات الحيوانية، كل ذلك يحفّزك على التفكير جديًا بالموضوع أو النظر للموضوع بطريقة مختلفة.
  5.  تقي الاستدامة من حدوث الكوارث الطبيعية، وتساعد على تأمين حياة جيدة، ليس فقط للإنسان في الزمن الحاضر والمستقبل، وإنما أيضاً على بقاء المحميات والأنواع المختلفة من النباتات والحيوانات وحمايتها من الانقراض.
  6.  الترشيد في استهلاك المياه والكهرباء يساعد في الاستدامة.
  7. وأخيراً يشكّل السفر بالسيارة أو الطائرة عبئاً كبيراً على المناخ والبيئة، بسبب الطاقة التي تتطلّبها، لذلك نستطيع أن نكون أصدقاء للبيئة، من خلال السفر بالباص أو القطارات أو حتى الدراجة. هناك طريقة أخرى يمكن استخدامها، على سبيل المثال كطريقة كارشيرينغ CARSHARING حيث يستطيع فيها الشخص استخدام السيارة في التنقل، ولكن يشاركها فيها أيضًا آخرون. بهذه الطريقة يستطيع أن يسافر الشخص بشكل أرخص، ويشارك كذلك في الاستدامة. 

وختاماً نستطيع القول أن الاستدامة تتجلى في كثير من المشاريع حاليًا على صعيد البنى التحتية، والطرق، والجسور والمواد المستخدمة في بنائها، بالإضافة للبيئة والزراعة وذلك على صعيد الحكومات، أما على صعيد الأفراد، فيعي الكثير الأمر، ويبادرون في حياتهم اليومية ليكونوا أكثر استدامة. يتطلّب نجاح أي مشروع تكتّل كل القوى.  الفرد هو أقوى أداة في إحداث التغيير. والوعي وحده، يمكن أن يغير طريقة تفكير الفرد وبالتالي طريقة حياته. علينا الاعتراف بأن هذا المفهوم لم يلق استحسان الكثيرين، وذلك بسبب عدم الوعي الكافي الذي قد يدفع البشر بالتفكير فقط بأنفسهم، أو بسبب النظر للموضوع من وجهات نظر مختلفة مجتمعية، وثقافية ودينية أو غير ذلك. علينا أن نتكاتف سويًا، نؤثّر ونتأثّر ونساعد بعضنا، لنستطيع أن نؤمّن حياة مستقرة لنا ولأجيالنا اللاحقة. لنبدأ بالتفكير بالموضوع بشكل فعلي ونطبّقه في حياتنا مما يساعد على تحقيق ذلك الهدف.

شارك في هذا العمل

نهلة حسينعضو سابق

كتابة وترجمة للغة العربية

وصفية شربجيعضو سابق

تدقيق اللغة الألمانية \ الإنجليزية

مرام البيكعضو

تدقيق اللغة العربية

حقوق النشر والمصادر

mehr-wissen-mehr-tun.depeta.deecowoman.debiologie-schule.dewirtschaftslexikon.gabler.de