لمحات سورية (2)

لمحات سورية

وقت القراءة.: 2 دقائق

هي ليست لوحة فنية يذهب السُّوريون إلى المعرض لتأمُّل جمالها، بل كان السُّوريون يعيشون وسط هذه اللوحة الفنية التي تسمى "البيت العربي".

هكذا كان نمط بناء البيوت قديماً في البلاد العربية ومنها سوريا حتى بداية القرن العشرين. اعتادت العائلة بأكملها السكن في بيت واحد كبير قد يحتوي على عشرات الغرف المزخرفة التي تميزت في البيت الدمشقي خاصة بالرُّخام والفسيفساء. لسنا اليوم بصدد تعريفكم بتفاصيل بناء البيت العربي الجميل، نعدكم بالتطرُّق لهذا الموضوع لاحقاً. إلَّا أن هذه البيوت تحوّلت في أواخر تسعينات القرن الماضي وأوائل القرن الحالي إلى مطاعم، مقاهٍ، فنادق ومعارض فنية بنكهة التُّراث بعد ترميمها والحفاظ على صبغتها الأثرية، حتى أصبحت مكاناً جذَّّاباًً يرتاده السُّوريون أنفسهم ويفتخرون بجماله أمام السُّياح القادمين من أصقاع العالم إلى سوريا.

ليس فقط في العاصمة دمشق والمدن الكبرى كحلب، بل أيضاً في مدن أُخرى كحمص وحماه، يذهب السُّوريون على اختلاف خلفيَّاتهم الدِّينية وبكامل أناقتهم ليستمتعوا بجمال البيت الواسع الذي يتميز ببحرةٍ مائية في وسطه وأشجار الياسمين والنانرج وغيرها، يتناولون الطَّعام اللذيذ من المطبخ السُّوري المتنوِّع، يستمعون إلى الموسيقا التُّراثية من عازفي العود والقانون وغيرها من الآلات الشرقية. وقد يشربون الأركيلة ويلعبون بعض الألعاب المسلِّية كطاولة الزَّهر ولعب الورق. كما أصبحت هذه المطاعم المتميزة بفُسحتها الواسعة مكاناً مناسباً للإحتفال بأعياد الميلاد، إقامة الاجتماعات، أو الاحتفال بالخطوبة وتناول العشاء والسَّهر للمتزوجين مع عوائلهم بعد عقد القِران وربما إقامة حفلة عرس صغيرة مع المقرَّبين والأصدقاء.

تحتوي بعض هذه البيوت على مغارات تحت الأرض وسراديب قد توصل إلى بيوت أُخرى وإلى الأسواق والأماكن الأثرية المجاورة. يأسف السُّوري على ما خلَّفته الحرب الأخيرة من دمار لكثير من هذه التُّحف الأثرية في مدينة حلب القديمة، وعلى افتقار هذه المطاعم في السنوات الأخيرة لزبائنها من السُّياح آملين أن يعمَّ السَّلام في بلادهم لتعود سوريا مكاناً جميلاً يعرفه العالم بجماله لا بصور الدَّمار والكوارث.

شارك في هذا العمل

أنس الحكيمعضو سابق

إخراج الفيديو

سارة شماععضو سابق

كتابة وترجمة للغة العربية

أبي حديدعضو

تدقيق اللغة العربية

جودي بوظانصديق \ صديقة المنظمة

كتابة وترجمة للغة الألمانية \ الإنجليزية

محمد يزن اسماعيلعضو سابق

تدقيق اللغة الألمانية \ الإنجليزية